الخميس، 20 يونيو 2013

إلى إمرأة في مكة


الحبيبةُ أمي :قبلةٌ وباقةُ وردٍ كي تعطِريهَا وبَعد :ـ
كيفَ حالكِ … وكيف وأصَابعكِ التي تفصِلني عن جاذبيةِ الأَرضِ حينَ تُداعِبُ شَعْرِي كَيف وحِضنكِ الذي أَحِنُّ اليه ويحِنُّ إليّ كيف
متُّ اشتِياقاً أُمي 

انكَسرتُ على غِيابكِ كلوحِ زجاجٍ وتناثَرتْ قِطَعي فمَلأتْ أَرجَاء البيت
احترقتُ وتطَاير رمَادي حتى غطَّى الجدرانَ الكئيبةَ لفَقدكِ
كلُّ شَيءٍ هنا يحنُّ إليكِ أُمي
تبكِي ابنت اخيكِ وتقولُ لي : أُريدُ عمتي
فأبتَلِعُ دموعِي وأَقولُ لها ستحضِر لكِ أَلعَاباً كثيرةً مِن مَكَّة
لا أُريدُ ألعاباً … أريدُ عمتي  يا حُسام
وأَنا أريدُ أُمي … لم أَعدْ اريدُ شيئاً غير امي   

كئيبٌ هذا المساء بدونكِ أُمي كما كل  مساء متبقي  لحينِ عودتِكِ
أَشربُ قهوتِي دونَ أَحاديثكِ فتزدادُ القهوةُ مرارةً وتصبحُ كطعمِ الأيامِ في غيابكِ
الغريبُ أَني أُحبُّ إعدادَ القهوةِ أكثر من شربها ولكن انتِ الشَّخصُ الوحيدُ الذي يطيبُ معه كل شَيء
أتذكرينَ أُمي عقابكِ الأولُ لي … كانَ يومَ هربتُ عن المدرسَة … لا زلتُ اذكرُ مذاقَ حذاءِ جدي الذي عزفَ على جسَدي… ولمَّا تعبتِ عضضتني في كَتفي . ـ
كانَ عقابكِ الاولُ والأخير لي إلى أَن جاءَ هذا العقابُ القاسِي
عودي إليَّ أُمي
عاقبيني ألفَ مرةٍ بما شِئتِ… بأحذيةِ العَالم … بأسنانكِ… ولكن اختَاري عقاباً ارحم من غيابكِ
لم أَعد قادراً على الإستمرارِ أُمي
لم أعد قادراً
أتذكرينَ أمي ذاتَ صباحٍ جئتُ اليكِ وقلتُ : سأقرأ لكِ شيئاً كتبتُه
قلتِ : ” حُسام يا فتـّاح يا عليم عالصُّبح هات لنشُوف يا سيدي “.ـ
ففتحتُ دفتري وقرأتُ لكِ تلكَ الكلماتِ التي لا يمرُّ أسبوعٌ دونَ أن تطلبِي مني أن اقرأها لكِ:ـ
تمنيتَ لو أنكَ ما زلتَ في بيتِ أمكَ فربّمَا أيقظَها عطشُ الليلِ فشربَتْ ثم تفقدَتكَ كعادتِها لكانتْ داعبتْ شَعركَ وطبعتْ فوقَ جبينكَ قبلةً فامتصتْ كلَّ ما فيكَ من أرق
لا تعرفُ متى تعرفتَ ألى أمكَ كل ما تعرفه أنكَ فتحتَ عينيكَ على الدنيا فوجدتَها أمامكَ لا تذكر ذاكرتكَ متى أدمنتَ الأسود في عينيها
كل ما تعرفه أنّ غيابكَ عن الزيتونِ الراقدِ بين الجفنين يُشعركَ بأنك لا شيء
الزيتون الرابضُ في عيني أمك هو (أل) التعريفِ التي تحولكَ من نكرةٍ معرفة
يومهَا جذبتيني بقوة ٍ الى حضنكِ … دفنتني هناكَ طويلاً وتمنيتُ أنا أن يتوقفَ الوقتُ فابقى هناكَ بين أحضَانك،
ولكن عقارب الساعة الحمقى لا تعرف أن تهدأ … الغريب أنها كانت تركض مسرعة فما الذي حدث بعد رحيلك …ـ
لماذا تكاسلتْ …لماذا عليّ أن أعيش ثمانية أيام طويلة لحين عودتك … ـ
وحين تعودين سأحجز في حضنك ليلة كاملة تكوني فيها ممنوعة من النوم
وستحدِّثيني لا لأعرف الحكايا بل لأسمع صوتكِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق